Friday, June 12, 2009

حوار مع الناشط القبطي منير بشاي رئيس هيئة أقباط كاليفورنيا أجرى الحوار: نبيل أسعد


** أستاذ منير.. ما هي انطباعاتك بعد سماع خطاب أوباما الأخير الذي ألقاه في جامعة القاهرة؟* بصفة عامة كانت انطباعاتي إيجابية.. فمن ناحية المتكلم وهو الرئيس باراك أوباما فقد أثبت أنه خطيب بارع من الدرجة الأولى، كان على درجة عالية من طلاقة اللسان مع اللباقة والمقدرة على التواصل مع الجمهور رغم وجود حاجز اللغة، وقد استطاع أوباما أن يشق طريقه المليء بالأشواك في قضايا لها حساسية عند الأطراف المتنازعة، ونجح في أن يكسب تعاطف الجمهور إلى صفه.وكبداية أعتقد أنه تمكن من أن يكسر حدة مشاعرالكراهية، ويمكن أن تبنى على الخطاب خطوات أخرى في المستقبل، كما أننس سعيد لأنه ذكر الأقباط ولو بكلمة عابرة، ولكن ليس معنى هذا أننس أعتقد أن هذا الخطاب خال من العيوب، فأعتقد أن هناك أجزاء في الخطاب فيها مبالغة كبيرة مثل إسهابه في ذكر إنجازات العالم الإسلامي وبالذات عندما تطرق إلى تاريخ الإسلام وإرتباطه بالسلام، ولكن لا بد أن هذه كانت وسيلة ذكية من أوباما لكسب ثقة العالم الإسلامي ولذلك فنحن سوف لا نحاسبه كثيرًا عليها.**

هل تعتقد أن ذكر الرئيس أوباما للأقباط في خطابه كان نتيجة للبيان الصحفي الذي أصدرته جمعيتكم في كاليفورنيا أم أنه كان نتيجة تحركات قبطية أخرى؟

* أكون مغرورًا إن ظننت ولو للحظة أننا العاملون الوحيدون على الساحة وأن عملنا وحده هو الذي أدى إلى هذه النتيجة، هناك الكثير من المنظمات والأفراد الذين قاموا بمجهودات كبيرة بعضهم معروف بالإسم والبعض الآخر يعمل في الخفاء، وأعتقد أن مجموع هذه المجهودات كلها أدت إلى النجاح الذى تحقق بأن نرى رئيسًا للولايات المتحدة يذكر إسم الأقباط لأول مرة ويطالب بحقوقهم في خطاب رسمي يُلقى في عقر دار مصر.

** هل تعتقد أن الرئيس أوباما أعطى الأقباط حقهم بمجرد ذكرهم في خطابه؟*

أهمية ما ذكره الرئيس أوباما هو في مدلوله فقط، فهو أول رئيس أمريكي ينطق بكلمة أقباط داخل مصر، ولكن ليس معنى هذا أن جميع مشاكلنا قد تم حلها؛ بل حتى السياق الذى ذكره الرئيس أوباما عندما ذكر كلمة أقباط عليه تحفظ، فهو يطالب بالبقاء القبطي لأنه يعتقد أنه إثراء للعالم الإسلامي بسبب التنوع الديني الذي يقدموه، وفي رأيي هذا السبب ليس هو السبب الذي يستمد منه الأقباط شرعية بقائهم؛ فالأقباط جزء أصيل من مصر وهم شركاء في ملكية هذا البلد وهذا هو السبب الرئيسي في شرعية وجودهم وكل الأسباب الأخرى ثانوية.

** هل لكم علاقة كهيئة أقباط كاليفورنيا بأعضاء الكونجرس؟*

نظرًا لاعتبارات بعدنا الجغرافي عن واشنطن فإن مقابلاتنا الشخصية مع أعضاء الكونجرس محدودة، ولكن لنا اتصالات تتم عن طريق وسائل الإتصالات الأخرى المتعددة مثل الإنترنت والتليفون والفاكس، ونحن نقوم بإرسال ما يصلنا من معلومات لأعضاء الكونجرس والجهات المسئولة الأمريكية، ونصدر البيانات الصحفية ونشترك في الإعلانات المدفوعة الأجر وحملات الخطابات الموجهة لهم.** المعروف أن بعض أعضاء الكونجرس قد أرسلوا رسالة للرئيس أوباما يطالبونه فيها بذكر مشاكل الأقليات الدينية المضطهدة في العالم الإسلامي في خطابه، ما رأيك في هذا العمل؟

* بدون شك هذا عمل نبيل يستحق الثناء؛ والشيء الذي يلفت النظر في هذا أن أعضاء الكونجرس الذين كتبوا هذا الخطاب غير ملزمين بمثل هذا العمل، فهم لا يربطهم بهذه الأقليات أي رابط غير الرغبة الإنسانية الخالصة في مساعدتهم، هذه الأقليات ليست جزءًا من المجتمع الأمريكي ولا يمتلكون أن يردوا لهم هذا الجميل بما يقابله.**

هل هناك رد فعل لمنظمتكم تجاه خطاب الكونجرس هذا؟

* نعم.. لقد أرسلنا خطاب شكر باللغة الإنجليزية لكل واحد من أعضاء الكونجرس الذين وقعوا على الخطاب، وطالبنا في الخطاب الولايات المتحدة أن تستمر في سياستها المناصرة لحقوق الإنسان، كما دعونا أعضاء الكونجرس أن لا يتخلوا عن دورهم النبيل في الوقوف في صف الأقليات الدينية المضطهدة في العالم الإسلامي.**

ما رأيكم في من يقولون أن الإتصال بالهيئات الأجنبية مثل الكونجرس الأمريكي هو استقواء بالأجنبي ودعوة إلى التدخل في الشأن الداخلي لمصر؟*

هذا كلام مكرر، وأصبح مثل الإسطوانة المشروخة. وهو لا معنى له ولا منطق. فأيهما يستقوي بالأجنبي؟ من يحملون الجنسية الأمريكية مثلنا ويتصلون بأعضاء الكونجرس الذي هو البرلمان الأمريكي الذي يمثلنا ويهتم بمصالحنا؟ أم المسئولين المصريين وغيرهم من الدول العربية الذين يتصلون بنفس هذه الجهات مثل الكونجرس الأمريكي ليستقووا بها ضد إسرائيل للحصول على تنازلات؟ الشعوب –يا سادة- لم تعد شأنًا داخليًا أوملكًا للحكام يفعل فيهم ما يشاء، حقوق الإنسان أصبحت في المفهوم الحديث شأنًا عالميًا. ثم لماذا تخشى السلطات من تدخل الكونجرس أو غيره إذا كانت ما تقوم به ضد أقلياتها الدينية عادلاً وأخلاقيًا؟ أليس هذا نتيجة التخوف الناتج من الممارسات الظالمة ضد الأقباط والنية المبيتة للإستمرار فيها؟ وكلنا نعلم ما هي ولا نحتاج لإعادة ترديدها، والتحدي الذي نرد به على مثل هؤلاء: اصلحوا معاملتكم لأقباط مصر وجربونا كيف سنصبح دعاة خير لمصر أينما حللنا، وفي المقابل إذا استمر إضطهاد اخوتنا فلن يستطيع أحد أن يسكت أصواتنا، فلا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع أن تبكم صوت الحق.
** ما رأيك في الإعتراضات التي أبداها المسئولين في مصر على موضوع ذكر أوباما للأقباط في خطابه؟*

الغريب أن هؤلاء المسئولين بدلاً من الرد على دعاوى اضطهاد الأقباط التي أثارها أوباما بدراسة الأمر واتخاذ الخطوات لتصحيحها. بدلاً من ذلك نجدهم يبحثون عن قضية جانبية تافهة ويعترضوا عليها. فنجدهم يوجهون إعتراضهم على وصف أوباما للأقباط على أنهم أقلية، ونسوا أو تناسوا قضية الإضطهاد الديني التي يعاني منها الأقباط، وسواء كان الأقباط أقلية أم أنهم جزءًا من الغالبية فهل هذا مسوغ لإضطهادهم؟ أما النقاش حول ما إذا كان الأقباط أقلية أم غالبية فهو جدل بيزنطي لا فائدة منه. فالأقباط ربما يكونوا مثل الغالبية في أصلهم الإثني ولكنهم دون شك أقلية عددية من جهة إنتمائهم الديني، ولا شك أن هذا الإنتماء الديني هو السبب وراء كل الممارسات الظالمة التي يعاني منها الأقباط.**

هل تعتقد أن خطاب أوباما سيحقق الغرض من أجله؟*

الغرض من الخطاب هو إيجاد نوع من التصالح بين العالم الإسلامي وأمريكا، وهذا التصالح لا يمكن أن يتم بدون حل للقضية الفلسطينية، فهل سينجح خطاب أوباما في إيجاد حل للقضية الفلسطينية؟ من غير المعقول أن نتوقع من خطاب واحد أن يعمل المعجزة، ولكن لا شك أن هذا الخطاب قد ساعد على كسر حاجز الغضب وخلق المناخ المناسب لخطوات أخرى يمكن إتخاذها على طريق الحل، وأعتقد أن هذا الرجل (أوباما) يحمل أكثر من غيره المؤهلات التى تعطيه أكبر فرصة من النجاح، ولكن المحك الحقيقى للنجاح أو الفشل يقع على عاتق الأطراف المتنازعة، وفي رأيي أن معظم القطع التى يتكون منها اللغز في مكانها الآن ويتبقى بعض القطع القليلة ومنها هذه القطعة الهامة الخاصة بالتوقيت، وهي هل الأطراف المتنازعة قد وصلت زمنيًا لمرحلة التعب من الإستمرار في النزاع وأصبحت جاهزة لعمل تنازلات من أجل الوصول إلى السلام؟ أنا شخصيًا لا أعلم الجواب على هذا. ومن قال لا أعلم قد أفتى.

No comments:

Post a Comment